• ١٩ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٧ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

مشكلة التوظيف.. ثقافة مجتمع أم فرصة عمل؟

د. غنيمة حبيب كرم

مشكلة التوظيف.. ثقافة مجتمع أم فرصة عمل؟

أظهرت آخر إحصائية لديوان الخدمة المدنية الصادرة في 19 أغسطس 2018، أنّ 11851 شخصاً مسجّلاً على قوائم انتظار التوظيف، منهم 1985من أصحاب المؤهل الجامعي، و423 من حاملي شهادة الدبلوم، و3077 من حملة الشهادة المتوسطة، و1712 من دون مؤهل، وكلّ هذه الأعداد في انتظار توزيعها على وزارات ومؤسّسات الدولة، وفق احتياجات الجهات الحكومية، ممّا يعكس وجود مشكلة حقيقية لابدّ من تسليط الضوء عليها، لما لها من آثار ومخاطرعلى المجتمع، من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

إنّ المجتمع الكويتي صاحب خصوصية تمثل الفئة الشابة النسبة الأكبر منه، وهم الثروة الحقيقية ومستقبل الوطن، وصياغة مستقبل الشباب والشابات عمل يستوجب التنسيق بين جميع الجهات الحكومية في الدولة، وإعادة هيكلة ديوان الخدمة المدنية بحيث تستجيب أنظمة عدة لها، وأهمّها النظام التعليمي الذي يجب أن يربط بين مخرجات التعليم وحاجة سوق العمل في مختلف التخصصات، إذ يتوجب أن يغلق باب تخصصات اكتفى منها سوق العمل الكويتي، ويفتح تخصصات أُخرى جديدة مواكبة للمتطلبات الحالية، بعد الدراسة المشتركة مع غرفة التجارة والصناعة وغيرها من الجهات المعنية، فقد بلغ عدد التخصصات التي يحتاجها سوق العمل غير المتوافرة في جامعة الكويت نحو19 تخصصاً.

بالإضافة إلى بذل الجهد، تعليمياً وتربوياً، بحيث يتم تنشئة الأطفال منذ الصغرعلى تقبّل الأعمال الحرفية لتغيير المفاهيم الراسخة في الأذهان عن العمل الحرفي واليدوي والمهني بأنّه «عيب» والنظرة الدونية لبعض المهن، كالفني والطبّاع والنجّار والميكانيكي وغيرها، وخصوصاً لأصحاب المؤهلات الدُّنيا والذين من دون مؤهل، لاكتساب الخبرة التي تجعلهم قادرين على العمل، وبالتالي إلغاء مقولة «لكلّ مهنة جنسية».

هذا وتؤدّي وسائل الإعلام دوراً مهمّاً ومحورياً في تثقيف الشباب، وتهيئته لتقبّل العمل الحرفي ونشر الوعي بأهميّة الدورات التدريبية والحرفية المهنية المختلفة التي تقدّمها الهئية العامّة للتعليم التطبيقي والتدريب وتشجيع الإقبال عليها، وتغيير سيكولوجية الشباب الكويتي وثقافته نحو العمل بتفضيل العمل بالقطاع الحكومي فقط للجلوس خلف المكتب، وإزالة عقدة العمل في القطاع الخاصّ وتوسيع فرص الاستثمار فيه، والتسهيل على أصحاب المشروعات، الصغيرة والمتوسطة، من قبل الجهة المختصة بالدولة بتوفير التسهيلات النقدية والتراخيص، وتذليل كلّ المعوقات الممكنة لانخراطهم بسوق العمل، مالياً وتشريعياً وتسويقياً، حتى ينتقل الشاب من مجرد موظف إلى صاحب مشروع خاصّ ورجل أعمال.

كما أنّ بتفعيل قانون التقاعد الإجباري لكبار السن قد تتهيأ الفرص للخرجين الجُدد، حتى نتخلّص من موضوع البطالة المقنعة المتغلغل في الجهات الحكومية.

هذه القضية المهمّة لابدّ من التعامل معها بحُسن إدارة وتخطيط حتى لا تتفاقم وينتج عنها الكثير من المشكلات على المستوى، الاقتصادي والسياسي، ونتائج سلبية من الناحية الاجتماعية، كالمشكلات الأُسرية، والاضطرابات النفسية، كالاكتئاب والقلق والانحراف وانتشار الجريمة بأنواعها.

فبالإيمان الراسخ بأهميّة العمل الجماعي، والشراكة في تنمية وتطوير وتمكين الشباب الواعد، نضع دولة الكويت على الطريق الصحيح لتصبح مركزاً مرموقاً على المستوى العالمي.

ارسال التعليق

Top